أشتهر ابن دانيال الموصلي
في عصر المماليك
بمسرحياته
المأخوذة بتقنيات
مسرح خيال الظل
أو بالأشكال الأخرى والمطلق عليها
البابات
تطويرا في أشكال الرواية والحكاية
إلى التقليد والتصوير والنقل
::منقول ::
شمس الدين محمد بن دانيال بن يوسف بن معتوق الخزاعي الموصلي
،اتلقب بـ الشيخ و الحكيم
( أم الربيعين، الموصل، 1249 - القاهرة، 1311 ) ،
حكيم رمدي ( كحال )
و شاعر
و فنان
عاش فى مصر في العصر المملوكي ،
و اتفوق في تأليف تمثليات
خيال الظل
وتصوير حياة الصنايعيه والعمال و الجاليات التي كانت عايشه في مصر في زمنه ،
واللهجات الخاصة بيهم
وكان بيقلدهم بطريقة تضحك .
من أشهر تمثلياته اللى لسه مخطوطاتها موجوده
" طيف الخيال "،
و " عجيب غريب "
و " المتيم وضائع اليتيم ".
من اشهر عرايسه كانت
عروسه اسمها
" عقود النظام فيمن ولي مصر من الحكام ".
بتعتبر أعمال ابن دانيال تصوير حي لعصره.
وصفه المؤرخ المقريزي بأنه
كان " كثير المجون والشعر البديع، كتابه طيف الخيال لم يصنف مثله في معناه" .
نشئته و نزوحه لمصر
اتولد ابن دانيال فى حى الأربعين فى الموصل فى فتره مضطربه و مليانه بالأحداث التاريخيه المهمه اللى كان من ضمنها غزو المغول بقيادة هولاكو لأرض الجزيرة ( العراق ) و بزوغ نجم دولة المماليك البحرية فى مصر. الموصل أياميها كانت مزدهره فى الأدب و الثقافه.
درس ابن دانيال القرأن و دخل المدرسه و لما كان صبى دخل المغول أرض الجزيره و دمروا بغداد و قضوا على الخلافه العباسيه و إضطرت الناس و قتها تهرب على سوريا لغاية ما المغول دخلوا سوريا هى كمان ، فهربوا على مصر المعقل الآمن فى المنطقه. ابن دانيال كان من ضمن اللى نزحوا لمصر وقت هوجة المغول.
وصل ابن دانيال القاهره سنة 1267 ، و كان عنده بتاع 19 سنه. مصر وقتيها كان بيحكمها السلطان الظاهر بيبرس رابع سلاطين الدوله المملوكيه أو خامسهم فى حالة إعتبار شجر الدر أولهم.
مصر بعد سقوط الخلافه فى بغداد و دخول المغول سوريا و تهديداتهم المستمره ليها بقت أم المنطقه و حصنها المنيع و مركزها الحضارى الوحيد ومقر الخلافه العباسيه الجديده اللى عملها الظاهر بيبرس فى القاهره.
عهد الظاهر بيبرس كان عهد حروب و معارك ضد الصليبيين و المغول، و كان راجل جد اتحمل مسئولية الدفاع عن مصر و المنطقه اللى كانت بتواجه مخاطر كبيره. فكان عهده عهد تقشف خالى من الترف و ما فيهوش أنس و فرفشه . لما وصل ابن دانيال مصر لقى الظاهر بيبرس لسه مطلع مرسوم يمنع الملاهى و الخمور و الحشيش و الدعاره.
بيحكى ابن دانيال انه لما وصل : " من موصل الحدباء إلى الديار المصرية في الدولة الظاهرية، سقى الله عهدها، وأعذب في الجنان وردها وجدت تلك الرسوم دارسة، ومواطن انسها غير أنسة، عافية الأثار ، ساقطة الحد بالعثار، وقد هزم أمر السلطان جيش الشيطان .. وتولى الخوان والي القاهرة، اهراق الخمور واحراق الحشيش، وتبديد المزور، واستتاب العلوق، واللواطي، وحجر البغاة " .
ابن دانيال اتأقلم بسرعه على مصر و ثقافتها، و بقى يتكلم بالمصرى زى المصريين و اتمصر خالص و بقى شاطر فى كتابة الشعر بألفاظ و روح مصريه زى : " يا سائلي عن حرفتي في الوري .. و ضيعتي فيهم وإفلاسي. ما حال من درهم إنفاقه .. بأخده من أعين الناس " و " بعت عبدي و حماري معا .. وأصبحت لا فوقي و لا تحتي " . و سبب شكوته المره دى انه حالته الماديه كانت صعبه و كان بيشتغل كحال يا دوبك أجره اللى بياخده " من أعين الناس " كان بيعيشه بالعافيه.
خيال الظل
نموذج حديث لخيال الظل كان اياميها رايج فى مصر و مصدر من مصادر المتعه و الترفيه ، و كان كل المصريين من كل الطبقات بما فيهم السلاطين بيحبوا يتفرجوا على عروضه .
المصريين فى العصر المملوكى ، زى فى العصور التانيه ، كانوا مرحين و بيحبوا الضحك و الفرفشه، ميزه للمصريين وسط منطقه جافه و متجهمه. ابن بطوطة اللى زار مصر أيام السلطان الناصر محمد بن قلاوون لاحظ الموضوع ده و وصف المصريين فى كتاب رحلاته بانهم " ذوو طرب وسرور ولهو " .
ابن دانيال رغم المحن و المآسى اللى عاشها كان شخص مرح و دمه خفيف و عجبه موضوع خيال الضل فدخل كاره و لقى نفسه فيه. كان هو اللى بيعمل كل حاجه، هو اللى كان بيألف التمثيليه و حوارها ، و هو اللى بيخرجها ، و هو اللى بيلحن أغانيها ، و هو اللى بيصمم هدوم عرايسها ، و فوق كده كان هو كمان اللى بيحركها و بيتكلم و يطلع الأصوات .
خيال الضل كان فن و حرفه مش مجرد تهريج زى الأراجوز. و كانت له تمثليات بحوار بيتكتب قبل ما تتمثل، زى المسرحيات دلوقتى ، مش كلام إعتباطى بيتقال وقت العرض حسب الظروف. و كانت التمثليات اللى إسمها " البابات " بتعبر بطريقه مرحه عن مسائل إجتماعيه و سياسيه و أحداث شاغله بال المجتمع و الناس اياميها. فنان خيال الظل كان اسمه " مخيالى " و شغلانته كانت اسمها " مخايله ".
فى الأول ابن دانيال كان بيجمع بين شغلته فى المخايله و شغلته فى الكحاله، و كان عنده دكان كحل بيعالج فيه عيون الناس جوه باب الفتوح ، و بالليل كان بيقعد فى بيته يألف المسرحيات و الأشعار. لكن الحال المتعب ده ما دامش كتير ، لإنه اشتهر بسرعه و بقى مخايلى معروف بيروحوله الأمرا و أكابر القاهره يطلبوا منه يروح لهم يقدم عروض خاصه ليهم و لضيوفهم فى قصورهم ، و كانوا بيحبوه و بيدوه فلوس و هدايا و بيعزموه فى حفلاتهم عشان يرفه عن معازيمهم بخفة دمه و عروضه و أشعاره. عروض خيال الضل كانت بتتعمل فى مسارح مخصصه و أماكن عامه، لكن المخايليه كانوا كمان بيروحوا يقدموا عروضهم فى الأفراح و الحفلات.
ابن دانيال قعد ع الحال ده لغاية ما الدوله المصريه طلعت له مرتب ثابت من الديوان و بقى مبسوط مادياً و حالته بقت عال العال . بيحكى المؤرخ ابن أيبك الدواداري إن ابن دانيال كان " ممن يترددون إلى الملوك من السادة الفضلاء في ذلك العهد " وإنه كان من ضمن " جماعة من أهل الفضل والأدب، كانوا ينهبون العيش بالآداب ويستخرجون لباب اللباب من ذوي الألباب في كل فن وباب " .
المفضلات